بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ النَّاس " خَالِقهمْ وَمَالِكهمْ خُصُّوا بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَمُنَاسَبَة لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ شَرّ الْمُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ
مَلِكِ النَّاسِ
وَهُوَ مَلِك جَمِيع الْخَلْق : إِنْسهمْ وَجِنّهمْ , وَغَيْر ذَلِكَ , إِعْلَامًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ يُعَظِّم النَّاس تَعْظِيم الْمُؤْمِنِينَ رَبّهمْ , أَنَّهُ مَلِك مَنْ يُعَظِّمهُ , وَأَنَّ ذَلِكَ فِي مُلْكه وَسُلْطَانه , تَجْرِي عَلَيْهِ قُدْرَته , وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّعْظِيمِ , وَأَحَقّ بِالتَّعَبُّدِ لَهُ مِمَّنْ يُعَظِّمهُ , وَيَتَعَبَّد لَهُ , مِنْ غَيْره مِنْ النَّاس .
إِلَهِ النَّاسِ
إِنَّمَا قَالَ : " مَلِك النَّاس إِلَه النَّاس " لِأَنَّ فِي النَّاس مُلُوكًا يَذْكُر أَنَّهُ مَلِكهمْ . وَفِي النَّاس مَنْ يَعْبُد غَيْره , فَذَكَرَ أَنَّهُ إِلَههمْ وَمَعْبُودهمْ , وَأَنَّهُ الَّذِي يَجِب أَنْ يُسْتَعَاذ بِهِ وَيُلْجَأ إِلَيْهِ , دُون الْمُلُوك وَالْعُظَمَاء .
مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ مِنْ شَرّ الْوَسْوَاس " الشَّيْطَان سُمِّيَ بِالْحَدَثِ لِكَثْرَةِ مُلَابَسَته لَهُ " الْخَنَّاس " لِأَنَّهُ يَخْنِس وَيَتَأَخَّر عَنْ الْقَلْب كُلَّمَا ذُكِرَ اللَّه
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِس فِي صُدُور النَّاس " قُلُوبهمْ إِذَا غَفَلُوا عَنْ ذِكْر اللَّه
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس " بَيَان لِلشَّيْطَانِ الْمُوَسْوِس أَنَّهُ جِنِّيّ وَإِنْسِيّ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ " أَوْ مِنْ الْجِنَّة بَيَان لَهُ وَالنَّاس عَطْف عَلَى الْوَسْوَاس وَعَلَى كُلّ يَشْتَمِل شَرّ لَبِيد وَبَنَاته الْمَذْكُورِينَ , وَاعْتَرَضَ الْأَوَّل بِأَنَّ النَّاس لَا يُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ النَّاس إِنَّمَا يُوَسْوِس فِي صُدُورهمْ الْجِنّ , وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاس يُوَسْوِسَونَ أَيْضًا بِمَعْنَى يَلِيق بِهِمْ فِي الظَّاهِر ثُمَّ تَصِل وَسْوَسَتهمْ إِلَى الْقَلْب وَتَثْبُت فِيهِ بِالطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .